zhra مبتدئ
عدد المساهمات : 100 نقاط : 243 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 06/07/2011 العمر : 31
| موضوع: قصة لوط عليه السلام الجمعة أغسطس 19, 2011 4:32 am | |
| ومما وقع في حياة إبراهيم الخليل من الأمور العظيمة : قصة لوط عليه السلام وما حل بهم من النقمة العميمة . وذلك أن لوطا بن هاران بن تارخ ـ وهو آزر كما تقدم ـ ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل ، فإبراهيم وهاران وناحور إخوة كما قدمنا ، ويقال : إن هاران هذا هو الذي بني حران ، وهذا ضعيف لمخالفته ما بأيدي أهل الكتاب ، والله أعلم . وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له وإذنه ، فنزل بمدينة سدوم من أرض غور زغر ، وكان أم تلك المحلة ، ولها أرض ومعتملات وقرى مضافة إليها ، ولها أهل من أفجر الناس ، وأكفرهم وأسوئهم طوية ، وأردئهم سريرة وسيرة ، يقطعون السبيل ، ويأتون في ناديهم المنكر ، ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون . ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم ، وهي إتيان الذكران من العالمين ، وترك ما خلق الله من النسوان لعباده الصالحين . فدعاهم لوط إلي عبادة الله تعالى وحدة لا شريك له ، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات ، والفواحش والمنكرات ، والأفاعيل المستقبحات ، فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم ، واستمروا على فجورهم وكفرانهم ، فأحل الله بهم من البأس الذي لا يرد ما لم يكن في خلدهم وحسبانهم وجعلهم مثله في العالمين ، وعبرة يتعظ بها الألباء من العالمين . أن لوطاً عليه السلام لما دعاهم إلي عبادة الله وحده لا شريك له ، ونهاهم عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش ، لم يستجيبوا له ولم يؤمنوا به حتى ولا رجل واحد منهم ، ولم يتركوا ما عنه نهوا ، بل استمروا على حالهم ، ولم يرعووا عن غيهم وضلالهم ، وهموا بإخراج رسولهم من بين ظهرانيهم . وما كان حاصل جوابهم عن خطابهم ـ إذ كانوا لا يعقلون إلا أن قالوا : { أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون } (سورة النمل :56 ) . فجعلوا غاية المدح ذما يقتضي الإخراج ، وما حملهم على مقالتهم هذه إلا العناد واللجاج . فطهره الله وأهله إلا امرأته ، وأخرجهم منها أحسن إخراج ، وتركهم في محلتهم خالدين لكن بعد ما صيرها عليهم بحرة منتنة ذات أمواج ، لكنها عليهم في الحقيقة نار تأجج ، وحر يتوهج ، وماؤها ملح أجاج . وما كان هذا جوابهم إلا لما نهاهم عن ارتكاب الفاحشة العظمى والفاحشة الكبرى ، التي يسبقهم إليها أحد من أهل الدنيا ، ولهذا صاروا مثله فيها ، وعبرة لمن عليها . وكانوا مع ذلك يقطعون الطريق ، ويخونون الرفيق ، ويأتون في ناديهم ، وهو مجتمعهم ومحل حديثهم وسمرهم ، المنكر من الأقوال والأفعال على اختلاف أصنافه . حتى قيل : إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم ، ولا يستحون من مجالسيهم ، وربما وقع منهم الفعلة العظيمة في المحافل ولا يستنكفون ، ولا يرعوون لوعظ واعظ ولا نميمة من ناقل ، وكانوا في ذلك وغيره كالأنعام بل أضل سبيلاً ، ولم يقلعوا عما كانوا عليه في الحاضر ، ولا ندموا على ما سلف من الماضي ولا راموا في المستقبل تحويلاً فأخذهم الله أخذا وبيلاً . وقالوا له فيما قالوا : { ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين } (سورة العنكبوت :29 ) . فطلبوا منه وقوع ما حذرهم عنه من العذاب الأليم ، وحلول البأس العظيم ، فعند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم ، فسأل من رب العالمين وإله المرسلين أن ينصره على القوم المفسدين فغار الله لغيرته ، وغضب لغضبته ، واستجاب لدعوته ، وأجابه إلي طلبته ، وبعث رسله الكرام ، وملائكته العظام ، فمروا على الخليل إبراهيم وبشروه بالغلام العليم وأخبروه بما جاءوا له من الأمر الجسيم والخطب العميم : { قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلي قوم مجرمين * لنرسل عليهم حجارة من طين * مسومة عند ربك للمسرفين } . وقال :{ ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل القرية ، إن أهلها كانوا ظالمين * قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها ، لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين } . وقال الله تعالى : { فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البرى يجادلنا في قوم لوط } . وذلك أنه كان يرجوا أن يجيبوا أو ينيبوا ويسلموا ويقلعوا ويرجعوا ، ولهذا قال تعالى : { أن إبراهيم لحليم أواه منيب * يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود } . أي : أعرض عن هذا وتكلم في غيره ، فإنه قد حتم أمرهم ، ووجب عذابهم وتدميرهم وهلاكهم . ( إنه قد جاء أمر ربك ) أي : قد أمر به من لا يرد أمره ، ولا يرد بأسه ، ولا معقب لحكمه ، ( وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ) . وذكر سعيد بن جبير والسدي وقتادة ومحمد بن إسحاق : أن إبراهيم عليه السلام جعل يقول : أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن ؟ قالوا : لا ، قال : فمائتا مؤمن ؟ قالوا : لا ، وقال : فأربعون مؤمناً ؟ قالوا : لا ، قال : فأربعة عشر مؤمناً ؟ قالوا : لا ، قال ابن إسحاق : إلي أن قال : أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد ؟ قالوا : لا { قال إن فيها فوطاً، قالوا نحن أعلم بمن فيها } . وعند أهل الكتاب أنه قال : يا رب أتهلكهم وفيهم خمسون رجلاً صالحاً ؟ فقال الله : لا أهلكهم وفيهم خمسون صالحاً ، ثم تنازل إلي عشرة ، فقال الله : لا أهلكهم وفيهم عشرة صالحون . قال الله تعالى : { ولما جاءت رسلنا لوطاً سيئ بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذا يوم عصيب } . وقال المفسرون : لما فصلت الملائكة من عند إبراهيم ـ وهم جبريل ومكائيل وإسرافيل ـ أقبلوا حتى أتوا أرض سدوم ، في صور شبان حسان ، اختباراً من الله تعالى لقوم لوط وإقامة للحجة عليهم ، فاستضافوا لوطاً ـ عليه السلام ـ وذلك عند غروب الشمس ، فخشي إن لم يضفهم أن يضيفهم غيره ، وحسبهم بشراً من الناس ، و ( سيئ بهم ذرعاً وقال هذا يوم عصيب ) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومحمد بن إسحاق : شديد بلاؤه ، وذلك لما يعلم من مدافعته الليلة عنهم ، كما كان يصنع بهم في غيرهم ، وكانوا قد اشترطوا عليه ألا يضيف أحداً ، ولكن رأي من لا يمكن المحيد عنه . وذكر قتادة : أنهم وردوا عليه وهو في أرض له يعمل فيها ، فتضيفوا فاستحيا منهم وانطلق أمامهم ، وجعل يعرض لهم في الكلام لعلهم ينصرفون عن هذه القرية وينزلون في غيرها ، فقال لهم فيما قال : والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبت من هؤلاء ، ثم مشى قليلاً ، ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره أربع مرات ، قال : وكانوا قد أمروا ألا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك . وقال السدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط . فأتوها نصف النهار ، فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة لوط تستقي من الماء لأهلها ، وكانت له ابنتان : اسم الكبرى ” أريثا ” والصغرى ” زغرتا ” . فقالوا لها : يا جارية ، هل من منزل ؟ فقال لهم : نعم مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم ، فرقت عليهم من قومها ، فأتت أباها فقالت : يا أبتاه ! أرادك فتيان على باب المدينة ، ما رأيت وجوه قوم قط هي أحسن منهم ، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم . وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلاً فقالوا : خل عنا فلنضيف الرجال فجاء بهم فلم يعلم أحد إلا أهل البيت ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ؛ فقال : إن في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط ، فجاءه قومه يهرعون إليه . وقوله : ( ومن كانوا يعملون السيئات ) أي : هذا ما سلف لهم من الذنوب العظيمة الكبيرة الكثيرة . { قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم } . يرشدهم إلي غشيان نسائهم وهن بناته شرعاً ؛ لأن النبي للأمة منزله الوالد ، كما ورد في الحديث ، كما قال تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } . وفي قول بعض الصحابة والسلف : وهو أب لهم . وهذا كقوله : { أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم، بل أنتم قوم عادون } . وهذا هو الذي نص عليه مجاهد وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق ، وهو الصواب . والقول الآخر خطأ مأخوذ من أهل الكتاب ، وقد تصحف عليهم كما أخطأوا في قولهم : إن الملائكة كانوا اثنين ، وإنهم تعشوا عنده ، وقد خبط أهل الكتاب في هذه القصة تخبيطاً عظيماً . وقوله : { فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد } نهى لهم عن تعاطي ما لا يليق من الفاحشة ، وشهادة عليهم بأنه ليس فيهم رجل له مسكة ولا فيهم خير ، بل الجميع سفهاء ، فجرة أقوياء ، كفرة أغبياء . وكان هذا من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعوه منه قبل أن يسألوه عنه . فقال قومه عليهم لعنة الله الحميد المجيد ، مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به من الأمر السديد : { لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد } . يقولون ـ عليهم لعائن الله ـ : علمت يا لوط أنه أرب لنا في نسائنا ، وإنك لتعلم مرادنا وغرضنا . واجهوا بهذا الكلام القبيح رسولهم الكريم ، ولم يخافوا سطوة العظيم ، ذي العذاب الأليم . ولهذا قال عليه السلام : { لو أن لي بكم قوة أو آوى إلي ركن شديد } . ود أن لو كان له بهم قوة ، أو له منعة وعشيرة ينصرونه عليهم ، ليحل بهم ما يستحقونه من العذاب على هذا الخطاب . وقد قال الزهري ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمه ، عن أبي هريرة مرفوعاً : ” نحن أحق بالشك من إبراهيم ، ويرحم الله لوطاً ، لقد كان يأوي إلي ركن شديد ، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي ” . ورواه أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة . وقال محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” رحمة الله على لوط ، لقد كان يأوي إلي ركن شديد ـ يعني : الله عز وجل ـ فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه ” . وقال تعالى : { وجاء أهل المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون * واتقوا الله ولا تخزون * قالوا أو لم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين } . فأمرهم بقربان نسائهم ، وحذرهم الاستمرار على طريقتهم وسيئاتهم . هذا وهم في ذلك لا ينتهون لا يرعوون ، بل كلما نهاهم يبالغون في تحصيل هؤلاء الضيفان ويحرصون ، ولم يعلموا ما حم به القدر مما هم إليه صائرون ، وصبيحة ليلتهم إليه منقلبون . ولهذا قال تعالى مقسماً بحياة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه : { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } . وقال تعالى : { ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر * ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر } . ذكر المفسرون وغيرهم : أن نبي الله لوطاً عليه السلام جعل يمانع قومه الدخول ويدافعهم والباب مغلق ، وهم يرمون فتحه وولوجه ، وهو يعظهم وينهاهم من وراء الباب ، وكل ما لهم في إلحاح وإنحاح ، فلما ضاق الأمر وعسر الحال وقال ما قال : { لو أن لي بكم قوة أو آوى إلي ركن شديد } . لأحللت بكم النكال . قال الملائكة : { يا لوط إنا رسل لن يصلوا إليك } . وذكروا أن جبريل عليه السلام خرج عليهم، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم ، حتى قيل إنها غارت بالكلية ولم يبق لها محل ولا عين ولا أثر ، فرجعوا يتحسسون مع الحيطان ، ويتوعدون رسول الرحمن ، ويقولون إذا كان الغد كان لنا وله شأن ! قال الله تعالى : { ولقد راوده عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر } فذلك أن الملائكة تقدمت إلي لوط، عليه السلام ، آمرين له بأن يسري هو وأهله من آخر الليل : { ولا يلتفت منكم أحد } . يعني عند سماع صوت العذاب إذا حل بقومه ، وأمروه أن يكون سيره في آخرهم كالساقة لهم . وقوله : { إلا امرأتك } . على قراءة النصب ؛ يحتمل أن يكون مستثنى من قوله : ( فأسر بأهلك ) كأن يقول إلا امرأتك فلا تسر بها ، ويحتمل أن يكون من قوله : ( ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ) أي : فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم ، ويقوى هذا الاحتمال قراءة الرفع ، ولكن الأول أظهر في المعنى . والله أعلم . قال السهيلي : واسم امرأة لوط ” والهة ” واسم امرأة نوح ” والغة ” . وقالوا له مبشرين بهلاك هؤلاء البغاة العتاة ، الملعونين النظراء ، والأشباه الذين جعلهم الله سلفاً كل خائن مريب : { إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب } . فلما خرج لوط عليه السلام بأهله ، وهم ابنتاه ، لم يتبعه منهم رجل واحد ، ويقال : إن امرأته خرجت معه . فالله أعلم . فلما خلصوا من بلادهم وطلعت الشمس فكانت عند شروقها ، جاءهم من أمر الله ما لا يرد ، ومن البأس الشديد ما لا يمكن أن يصد . وعند أهل الكتاب : أن الملائكة أمروه أن يصعد إلي رأس الجبل الذي هناك فاستبعده وسأل منهم أن يذهب إلي قرية قريبة منهم فقالوا : اذهب فإنا ننتظرك حتى تصير إليها وتستقر فيها ، ثم نحل بهم العذاب ، فذكروا أنه ذهب إلي قرية ” صوعر ” التي يقول الناس : غور زغر ، فلما أشرقت الشمس نزل بهم العذاب . قال الله تعالى : { فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها وسافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضودٍ * مسومة عند ربك، وما هي من الظالمين ببعيدٍ } قالوا : اقتلعهن جبريل بطرف جناحه من قرارهن ـ وكن سبع مدن ـ بمن فيهن من الأمم ، فقالوا : إنهم كانوا أربعمائة ألف نسمة ، وقيل أربعة آلاف ألف نسمة ، وما معهم من الحيوانات ، وما يتبع تلك المدن من الأرض والأماكن والمعتملات . فرفع الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء ، حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم ثم قلبها عليهم ، فجعل عاليها سافلها ، قال مجاهد : فكان أول ما سقط منها شرفاتها . { وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل } . والسجيل : فارسي معرف، وهو الشديد الصلب القوي ، منضود : أي يتبع بعضها بعضاً في نزولها عليهم من السماء ، مسومة : أي معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدمغه ثم قال : { مسومة عند ربك للمسرفين } . وكما قال تعالى : { وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين } . وقال تعالى : { والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشي } . يعني : قلبها فأهوى بها منكسة عاليها سافلها ، وغشاها بمطر من حجارة من سجيل ، متتابعة ، مسومة ، مرقوم على كل حجر اسم صاحبه الذي سقط من الحاضرين منهم في بلدهم ، والغائبين عنها من المسافرين والنازحين والشاذين منها . ويقال : إن امرأة لوط مكثت مع قومها ، ويقال : أنها خرجت مع زوجها وبنتيها ، ولكنها لما سمعت الصيحة وسقوط البلدة ، التفتت إلي قومها وخالفت أمر ربها قديماً وحديثاً ، وقالت : واقوماه ! فسقط عليها حجر فدمغها وألحقها بقومها ؛ إذ كانت على دينهم ، وكانت عيناً لهم على من يكون عند لوط من الضيفان . { ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط ، كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين } . أي : خاتناهما في الدين فلم يتبعاهما فيه . وليس المراد أنهما كانتا على فاحشة ، حاشا وكلا ، فإن الله لا يقدر على نبي قط أن تبغي امرأته ، كما قال ابن عباس وغيره من أئمة السلف والخلف : ما بغت امرأة نبي قط ، ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ خطأ كبيراً . قال الله تعالى في قصة الإفك ، لما أنزل براءة أم المؤمنين عائشة بنت الصديق ، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فعاتب الله المؤمنين وأنب وزجر ، ووعظ وحذر ، وقال فيما قال : { إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم * ولولا إذا سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم } . أي : سبحانك أن تكون زوجة نبيك بهذه المثابة . وقوله هاهنا : { وما هي م الظالمين ببعيد } . أي : وما هذه العقوبة ببعيدة ممن أشبههم في فعلهم . ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلي أن اللائط يرجم ؛ سواء كان محصناً أو لا ، ونص عليه الشافعي واحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من الأئمة . واحتجوا أيضاً بما رواه الأمام احمد وأهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ” وذهب أبو حنيفة إلي أن اللائط يلقي من شاهق جبل ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط لقوله تعالى : { وما هي م الظالمين ببعيد } . وجعل الله مكان تلك البلاد بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ، ولا بما حولها من الأراضي المتاخمة لفنائها ، لرداءتها ودناءتها ، فصارت عبرة ومثله وعظة وآية على قدرة الله تعالى وعظمته ، وعزته في انتقامه ممن خالف أمره ، وكذب رسله ، واتبع هواه ، وعصي مولاه ، ودليل على رحمته بعباده المؤمنين في إنجائه إياهم من المهلكات ، وإخراجه إياهم من الظلمات إلي النور ، كما قال تعالى : { إن في ذلك لآية ، وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم } . وقال الله تعالى : { فأخذتهم الصيحة مشرقين * فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل * إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم * إن في ذلك لآية للمؤمنين } . أي : من نظر بعين الفراسة والتوسم فيهم ، كيف غير الله بتلك البلاد وأهلها وكيف جعلها بعد ما كانت آهلة عامرة هالكة غامرة . كما روي الترمذي وغيره مرفوعاً : ” اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ” . ثم قرأ : { إن في ذلك لآيات للمتوسمين } . وقوله : ( وإنها لبسبيل مقيم ) أي : لبطريق مهيع مسلوك إلي الآن . كما قال : { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل، أفلا تعقلون } . وقال تعالى : { ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون } . وقال تعالى : { فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين * وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم } . أي : تركناها عبرة وعظة لمن خاف عذاب الآخرة ، وخشي الرحمن بالغيب ، وخاف مقام ربه ، ونهى النفس عن الهوى ، فانزجر من محارم الله وترك معاصيه ، وخاف أن يشابه قوم لوط . و ” من تشبه بقوم فهو منهم ” ، وإن لم يكن من كل وجه ، فمن بعض الوجوه ، كما قال بعضهم : فإن لم تكونوا قوم لوط بعينهم فما قوم لوط منكم ببعيد . فالعاقل اللبيب الخائف من ربه الفاهم ، يتمثل ما أمره به الله عز وجل ، ويقبل ما أرشده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتيان ما خلق له من الزوجات الحلال ، والجواري من السراري ذوات الجمال ، وإياه أن يتبع كل شيطان مريد ، فيحق عليه الوعيد ، ويدخل في قوله تعالى : { وما هي م الظالمين ببعيد } . | |
|
xavi نائب المدير
عدد المساهمات : 1359 نقاط : 3235 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 11/07/2011
| موضوع: رد: قصة لوط عليه السلام الجمعة أغسطس 19, 2011 5:05 am | |
| | |
|
affaly ----
عدد المساهمات : 1014 نقاط : 1238 السٌّمعَة : -1 تاريخ التسجيل : 02/08/2011
| موضوع: رد: قصة لوط عليه السلام الجمعة سبتمبر 09, 2011 12:08 am | |
| مشكوووووووووووووووووووووووووووووور | |
|